اختر لغتك ^^

2011-01-12

عندما يحدث ما لا تتوقع



   هل تعلم كيف يكون الشعور عندما تشاهد موقف يدهشك و يجبرك على تصحيح فكرة سلبية و تبديلها بفكرة إيجابية؟ موقف يجعلك تصاب بوخز الضمير على تفكيرك المسبق؟ هذا ما حدث معي بالأمس. و رغم أنه موقف قصير و بسيط إلا أني أنقله إليك لعلّه يصحح فكرة كنت تظن -كما ظننت- أنها صحيحة.

    هناك مطعم للوجبات السريعة بالطريق من جامعتي إلى منزلي أمر من أمامه بالحافلة يومياً، و بحكم ظروف الطريق، توقفت أمامه بالأمس لوهلة من الزمن. و بينما نحن كذلك ، فُتح باب المطعم و خرج منه شاب يرتدي ثوباً مشمّر الأكمام و شماغاً  ملقىً على كتفه بطريقة شبابية و اتجه إلى سيارته. ما أن شاهدته إلا و قررتُ في نفسي أنه من هؤلاء الشباب العاطلين عن العمل، والذين يقضون أوقاتهم بين المطاعم و المقاهي بلا هدف  و بحد منخفض من الأخلاق و الثقافة. مشاعر نفور يقارب الاشمئزاز بدأت تتولد بداخلي؛ لأني رأيت شاباً آخر من هؤلاء الذين يضيعون حاضرهم و مستقبلهم و نهضة بلادهم بأيديهم! أردت أن أدير وجهي عن المشهد، إلا أن باب المطعم فُتح ثانية و خرج منه شابٌ آخر بقميصٍ مزخرف و بنطال ضيق. لا أدري لمَ لمْ أتعجب عندما اتجه إلى سيارة الشاب الأول فـ"الطيور على أشكالها تقع" –هكذا فكرت-.


    كان الشاب الثاني يحمل بيده كيساً بداخله ما تبقى من الوجبة التي كانوا يتناولونها. وعندما فتح باب السيارة و همّ بالدخول استوقفه الشاب الأول و قال له كلاماً لم أسمعه، إلا أنه أعاد الكلام مرة أخرى نتيجة لاستنكار صديقه وهو يشير إلى الشارع. رفع صديقه رأسه و تلفت يمنة و يساراً حتى شاهد رجلاً يمشي على الجهة الأخرى من الشارع، يشير مظهره على أنه عامل للبناء، توجّه إليه و ناوله الكيس و ملامح وجهي تقول "غير معقول!!".


    مشاعر كثيرة اختلطت في داخلي، ترافقها رغبة صادقة بأن أصفق لهذا العمل الشهم الجميل. قد تظنون أني بالغت في الموضوع، و لكني لم أرى أحداً من قبل يقوم بهذا هذا العمل، فأغلب الظن أن الأكل يترك في المطعم ليرمى في سلة المهملات أو إن أخذناه يُنسى في السيارة أو يُترك في المنزل إلى أن يفسد و نلقيه نحن بسلة المهملات. فكيف إذاً برؤيته من شابين كنت قبل لحظات أعتبرهم مثالاً للشباب الذي لا يرجى منه أي فائدة. شعرت بالخجل من كل تلك الأحكام المسبقة التي أطلقتها عليهما بسبب أفكار نمطية (stereotype) اقتنعت بها و عممتها خطأً على الجميع.

   شبابنا فيهم بذور الخير و كل ما تحتاجه هو الري: يحتاجون إلى التشجيع ممن حولهم؛ كي يوجهوا طاقاتهم إلى كل ما ينفع هذه الأمة، و يحتاجون إلى أن نغير هذه النظرة السلبية عنهم حتى لا يقتنعوا هم بها و يتوقفوا عن بذل أي مجهود لتبديلها. فعندما نرى مجموعة من الشباب علينا أن نعيد النظر مرتين قبل أن نحكم عليهم من مظهرهم الخارجي مهما كان-كما فعلت أنا- بل علينا أن نعطيهم نظرة تشجيع كلها أمل تخبرهم بأننا نثق بهم و نحتاج إلى طاقاتهم. فقد يكونوا كالشابين الذين رأيتهم بالأمس : يقومون بأعمال خير تطوعية قد تجعلهم أعلى منا منزلة عند الله سبحانه و تعالى و الذي أخبرنا على لسان رسوله الكريم e: )) إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)).

 و طالما نحن بشر لا نملك أن نشق على صدورهم فلنحسن الظن و لنكن إيجابيين.

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

سبحان الله ...
كتير بتكرر هادا الموقف معي..
وتعلمت فعلا اني ما احكم على الناس من مظهرهم.... :)

mimi

زهرة يقول...

mimi..

شكرا على مرورك العطر ^^
كم أسعدني أنك تشاركيني وجهة النظر =)

اشتقتُ لكِ ♥

غير معرف يقول...

السلام عليكم ،

أُحيـي لكِ امتلاككِ هذه المُـدونة و هذا الفكِـر الراقي المنشور هُنـا ..
بوركتِ يا أُخيـة ..
و أسأل المولى أن يوفقكِ ..

عندي تعليق بسيط ، ليس على ذات التدوينة بل على الأغنيـّة لـ ماهر زين (FAVORITE SONGS )
تحتوي على موسيقى أختي الفاضلة ..
و هي مُنكر و أردتُ تنبيهكِ على هذا حتى لا تأثمي ..

حسب ما ورد في صحيح البُخاري
قول النبي عليه الصلاة و السلام
"( ليأتيّن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف )"
أرجو أن تنتبهي لهذا عافانا الله و إياكِ ..

مرة ً أخرى ..
أُهنّـك على وعيك و رُقي فكرك ، حفظك الله و حماكِ

ثابري ..

زهرة يقول...

شكرا لك لثنائك على مدونتي و أسعد بأنها ارتقت لذوقك..

و شكرا على التنبيه و النصيحة =)

غير معرف يقول...

مدونتك جميله يا اخت زهره بارك الله فيك .. وجزاك الله خير ..