جريمة .. و أنا المتهمة و الضحية !!

غدا..سأبدأ تنفيذ أولى خطوات جريمتي..

فهو يوم دوامي الأول بكلية الطب!!

 لا تستغربوا أني أسميتها جريمة..

فهذا ما يشعرني به كل من حولي..

منذ أن حددت هدفي.. قبل ٤ سنوات تقريبا أو أكثر.. 

كلما سألني أحدهم.. ماذا تريدين أن تصبحي.. أجيبهم.. طبيبة..

 فيبدأ السيناريو.. تتغير ملامح الوجه!! 

و يظهر الاستغراب.. طبيبة؟؟

 يعيد ليتأكد إن كان ما سمعه صحيحا.. نعم..أجيبه بوضوح..

أمتأكدة أنت؟؟ (و قد ينظرون إلى أمي و أبي إن كانا حاضرين..فينظران بدورهما إلي)..

 فأجيبه بتحد.. بإذن الله..قد يكتفي بذلك و يقول..

ممم حسنا وفقك الله..>>و لكن هذا نادر الحدوث!!

فعادة يبدأ من أمامي "بدوره الإصلاحي" و يعدد لي قائمة المصاعب و الأخطار التي ستواجهني..

من طول الدراسة و صعوبتها..و انها ستبعدني عن الحياة الاجتماعية.. ثم عن الدوام و أوقاته الغير ملائمة خاصة للنساء..

و كيف أنني سأهمل بيتي""أولادي"" و حتى أني قد أخسر ديني..

 و أن معظم الطبيبات ندمن على قرارهن!!..........الخ

(يكفي تنبأً ً بالمستقبل أصرخ بداخلي)..

و لكني أحافظ على سكوتي مراعاة للأدب..

 إلى أن ينهي كلامه.. لأودعه.. شكرا على نصيحتك..و أغادر المكان حتى لا تنفلت أعصابي.. 

 قد تظنون أني أبالغ.. و لكن هذا ما يحدث.. و كأنني أقدم على فعل شيء خاطئ أو جريمة..

 حتى أني بدأت أشعر بالتوتر كلما سألني أحدهم 

"ماذا ستدرسين بالجامعة؟؟"

فمن كل ١٠ يسألون ٢ أو ٣ فقط لن يفعلوا ما ذكرته أعلاه..أما الباقي...

حتى أن أمي و أبي أراهم يتجاوبون معهم أحيانا..

 لا أدري أهم مجرد متعاطفين.. أم أنهم اقتنعوا بوجهة نظرهم!!

 لا أعلم..و لكن ما أعلمه.. أني سأواجه هذا ""التحطيم"" 

مدة طويلة و علي أن أواجهه بتصميم..

بصراحة كنت أجيب البعض بأني أعلم كل  هذه المصاعب.. و لكني أهدف إلى أن أتخطاها..

و أن أصبح طبيبة دون أن أضحي بشيء..

 و حتى أني أطمح أن أغير نظرة المجتمع إلى الطبيبات..و أن أكون مثالا للطبيبة المسلمة!! 

و لكني اكتشفت أن كلامي دون جدوى فردة فعلهم لا تتغير..و كأن ثقافة التغيير غير متوفرة عندهم أبدا..

 فآثرت الصمت.. لأنهم سيرون ذلك بأعينهم بعد حين بمشيئة الله..

و سيعلمون أن الجريمة..كانت منعي من ذلك...